جدل ونقاش بين علماء التربيةالعنف وأثره السلبي على التحصيل الدراسي[color:c693=cc3333]د
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] *الاستنتاج
البارز الذي يجب ان يضيء لنا الضوء الاحمر هو انه توجد رابطة قوية ووطيدة
لا تقبل التأويل بين ظاهرة العنف والتحصيل الدراسي، بمعنى انه كلما زاد
العنف لدى الطالب كلما زاد اجتهاده دراسيا وكثر تركيزه وزاد تحصيله وارتفع
مستواه التعلمي*
يوجد جدل ونقاش بين علماء التربية والباحثين
والمستشارين التربويين والمدرسين، حول العنف واشكاله واسبابه في المؤسسات
التربوية، ومدى تأثيره على التحصيل الدراسي لدى الطلاب وسبل معالجته،
والنقص في الملاكات الاستشارية والنفسية والاجتماعية والتربوية، التي تعاني
منها مدارسنا على مختلف مراحلها، بهدف احتواء هذه الظاهرة المتفشية او
التقليل منها.
توجد تعاريف متباينة للعنف وانواعه، فمنهم من يقول ان
معناه هو الحاق الضرر والاهانة بالآخرين بواسطة التفوه بكلمات نابيّة
وجارحة ومهينة من شأنها ان تلحق الاذى نفسيا وجسديا بهم وخاصة اذا ما كان
يشوبها نوع من السخرية والتحقير والاذلال والايلام.
وتعريف آخر هو
ان يقوم شخص باستعمال القوة الجسدية ضد شخص آخر، مما قد يسبب له آثارا
جسمانية ونفسية وشخصية سلبية وخاصة اذا ما وقع ذلك على مرأى ومسمع من
الآخرين.
بالاضافة لهذين التعريفين توجد تعاريف اخرى تختلف من شخص
لآخر ومن مجتمع لآخر ولكن التعريف المتفق عليه بين كل الاوساط والمجتمعات
ان العنف الكلامي والجسدي يلحق الضرر والاذى والالم بصاحبه ويسبب له العزلة
والاحباط خاصة اذا لم يتمكن الشخص المعتدى عليه من الدفاع عن نفسه او اذا
ما استمر دون ايقافه من قبل الجهات المسؤولة. لذا على مدارسنا ترسيخ النظام
والحماية لطلابها، وتوفير الاجواء الدراسية المريحة والداعمة لان الابحاث
اثبتت ان المدرسة لا يمكنها ان تكون معزولة عن بيت الطالب والمجتمع وبانها
مكملة اجتماعيا وتربويا لهما، لذا يجب ان تكون العلاقة بينهم وطيدة
ومستمرة.
ان الطالب يواجه العنف ليس فقط في المدرسة بل ايضا في
الشارع والبيت والمجتمع وفي كل مكان واصبح يؤثر سلبيا عليه وعلى تحصيلاته
الدراسية وسلوكه.
تنادي المدرسة الحديثة بترسيخ الدمقراطية بين
طلابها، وتحث على اتاحة الفرصة للطلاب بالتعبير عن آرائهم وانتاج النقاش
الجاد والفعال والحركة في اثناء سير الدرس، والباحث التربوي يؤيد المدرسة
الفعالة والنشطة والتي تنتج لطلابها الانخراط بها والمشاركة في فعالياتها
والتي تسهم في تنمية وتطوير الناحية الذهنية والعقلية والمعرفية.
يعتقد
البعض من الباحثين ان العنف هو ظاهرة اجتماعية واقتصادية للمجتمع، قد تؤثر
عليها عوامل كثيرة منها داخلية تتعلق بشخصية ونفسية الطالب والظروف التي
يمر بها وبعلاقته مع اهله وتصرفهم تجاهه، وبعضها خارجية وتتعلق بالمستوى
الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يمر به مجتمعه والدليل على ذلك انه
كلما كان المجتمع متطورا اقتصاديا واجتماعيا وتعليميا، كلما قلت فيه ظواهر
العنف وزاد التحصيل العلمي، وكلما كان المجتمع مغلقا اجتماعيا وضعيفا
اقتصاديا، كلما كثرت فيه ظواهر العنف وقلت ابداعاته وتطوره وتقدمه وتحصيله
العلمي ونتاجه الوطني.
كما يمكننا الجرم انه اذا ما كانت العلاقة
بين الاهل والطالب جيدة فان العنف يقل لديه ويزيد تحصيله العلمي واذا ما
كانت العلاقة متدهورة والوضع الاقتصادي خاصة ضعيفا فالعنف يزيد والتحصيل
العلمي، يقل ايضا لان الطالب يكون باله مشغولا وبهذه الحالة يهمل دروسه
ويضعف تركيزه في اثناء الدروس.
بمعنى آخر ان هناك رابطة قوية بين
العنف وبين التحصيل التعلمي أي انه كلما قل العنف لدى الطالب واذا ما عاش
في جو دافئ وهادئ وآمن كلما زاد تحصيله التعليمي، واذا ما عاش في جو مفعم
بالعنف فان تحصيله التعليمي يقل ويتدهور.
ان الديانات السماوية تبغض
العنف وتعارضه، فالدين الاسلامي يدعو للتآخي والرفق والرحمة والمعاملة
الحسنة وكذلك الديانات الاخرى. ففي سورة الحجرات (آية رقم 11) يقول الله
سبحانه وتعالى: "يا ايها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا
خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولا تلمزوا انفسكم ولا
تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاولئك هم
الظالمون".
ان العنف الكلامي للطالب وتجريحه واحراجه امام الطلاب لا
يؤدي الى نتيجة ايجابية، فلذا لا ضرورة للجوء المعلمين لهذا الاسلوب
وعليهم التفكير باساليب تربوية اخرى قد تعزز مكانة الطالب وتحفظ كرامته
وشخصيته، وعليهم العمل سوية بتقريبه وترغيبه لحياة المدرسة لانه اذا احبها
واحب معلميها زاد اهتمامه واجتهاده وتحصيله.
كما عليهم فتح القنوات للتفاهم مع الطلاب والاصغاء لهم بهدف معالجة مشاكلهم منذ البداية.
هناك اسباب عدة للعنف المدرسي والتي تؤثر في اتساعه وانتشاره وهي:
1-
المجتمع: اذا كان المجتمع المحيط بالمدرسة عنيفا فان ذلك يترك اثرا سلبيا
على تصرفات الطالب وهذا ينتقل تلقائيا الى المدرسة وخاصة اذا كان العنف
رائجا ومتداولا بين افراد المجتمع ويصبح جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية.
2-
البيت: يؤثر البيت كثيرا على سلوك الطالب عامة وفي المدرسة خاصة اذا كان
الوضع الاقتصادي فيه صعبا، واذا كانت العلاقة بين افراده متوترة وخاصة بين
الاب والام واذا ما كان العنف وسيلة للتعامل بينهم مما يجعل هذا الاسلوب
متبعا لدى الطالب ايضا لانه يقوم بتقليد الاب او الاخ او الاخت اذا كانوا
عنيفين بهدف ابراز وتقوية شخصيته وحماية نفسه امام الآخرين.
3-
شخصية الطالب: تؤثر شخصية الطالب على تصرفه وميوله للعنف وخاصة اذا ما شعر
باهمال رغباته وطموحاته وعدم الاهتمام بها من قبل اهله ومعلميه وطلاب صفه،
واذا ما شعر بوجود طلاب يستفزونه ويعتدون على تعزيز ثقة الطالب بنفسه او
خلق روح الانتماء لديه ورفع معنوياته وآماله وحماسه للدراسة وتقريبه
وترغيبه للمدرسة والمجتمع.
4- المعلم: للمعلم دور فعال ونشيط في صقل
ذهن الطالب وتعليمه وتوجيهه وبناء شخصيته، فاذا ما قام المعلم باحترام
الطالب ومساعدته ومراعاة ظروفه وتقديم المساعدة له وتذليل الصعاب امامه
وتبسيط المادة التعليمية فيقوم الطالب بمضاعفة اجتهاده، واذا ما قام المعلم
باهانته وتوبيخه والسخرية منه نجده عنصرا معاديا وعنيفا، فالامر اذا مرهون
بايدينا، لذا علينا مراعاة الفروق الفردية والاجتماعية والاقتصادية
والتعليمية القائمة بين الطلاب بهدف فهم مشاكلهم ومعالجتها.
5-
الضعف التعلمي: ان احد الاسباب الرئيسية للعنف لدى الطالب هو ضعفه التعلمي،
بالاضافة لاسباب اخرى، فيقوم بالتعويض عن ذلك بالعنف والتشويش وعرقلة سير
الدروس، لذا على المدرسة رفع مستوى طلابها بهدف تخفيض العنف.
ان
ظاهرة العنف غالبا ما تنتشر بين الطلاب الضعفاء تعلميا والمشكلين اجتماعيا،
وقلما نرى طلابا اقوياء تعلميا يقومون بالعنف والتشويش لان هذا يؤثر على
تحصيلهم التعلمي بل بالعكس نراهم يقومون بحفظ الهدوء وترسيخ النظام في الصف
لمنع عرقلة سير الدروس.
6- العنف كاسلوب معاملة مع الطلاب في
المدرسة: بعض المدارس وان كانت قليلة تستعمل اسلوب العنف الكلامي والجسدي
والنفسي كاسلوب تعامل ونهج تعليمي مع الطلاب، وكأداة لتحقيق الهدوء ولترسيخ
النظام وهذا بحد ذاته خطوة خطيرة ومشجعة لبعض الطلاب بتقليد المدرسة في
هذا النهج للسيطرة ولحل مشاكلهم مع الطلاب لانهم يقتدون بعمل المعلمين.
لذا
على المعلمين الذين يتبعون العنف اسلوبا للتعامل مع الطلاب الكف عنه فورا
واتباع الاساليب التربوية والمقبولة وذلك لتقريبهم لحياة المدرسة ولدمجهم
اجتماعيا وتعليميا فيها.
هناك طرائق عديدة لمعالجة ظاهرة العنف وهي:
1-
التوعية: على الجهات المسؤولة والمعنية القيام بحملات توعية بين الاهل
والطلاب والمجتمع بواسطة قنوات الاتصال والابحاث العلمية والمحاضرات من قبل
اناس مختصين بالموضوع.
2- برامج تعليمية وعلاجية: على كل مؤسسة
تربوية بناء برنامج تربوي خاص بها من قبل عامليها بهدف معالجة ظاهرة العنف
وبهدف رفع المستوى التعلمي للطلاب عن طريق برامج فردية مبسطة وملائمة
لمستواهم التعلمي ولقدراتهم ورغباتهم.
كما على المدرسة دعوة المحاضرين والمختصين للتوعية والشرح للمعلمين والطلاب وتوضيح خطورة العنف واساليب علاجه وتفاديه.
3-
المناخ التربوي في المدرسة: على المدرسة توفير المناخ التربوي الملائم
والداعم وخلق روح التنافس الايجابي والمحفزات بين الطلاب وافساح المجال
امامهم للتعبير الحر والنقاش والجدل البناء وعدم كبت حريتهم والعمل على
بناء شخصيتهم وتقويتها.
4- تنمية المواهب والقدرات لدى الطلاب: على
المدرسة العمل على تحسين الاساليب الدراسية واتباع الاساليب البديلة
والحديثة وتنمية المواهب والابداعات لديهم وتقوية ميولهم ورغباتهم
ومشاركتهم ايضا في معالجة العنف لدى اصدقائهم العنيفين بواسطة تنمية
الطاقات الكامنة فيهم ومساعدتهم تعليميا واجتماعيا.
5- رفع المستوى
التعلمي للطلاب: اثبتت الابحاث العلمية ان معظم الطلاب الذين يشاغبون
ويستعملون العنف هم ضعفاء تعلميا ويقومون بالتعويض عن ذلك بتصرفات شاذة او
عنيفة لاثبات وجودهم وتعزيز مكانتهم وجذب انتباه الآخرين، لذا على المدرسة
العمل على رفع المستوى التعلمي لجميع الطلاب ومعالجة مشاكل الطلاب الضعفاء
بواسطة بناء برامج تعليمية ملائمة، وتخصيص حصص عدة وتقوية لهم، كما اثبتت
الابحاث نفسها ان الطلاب الاقوياء تعلميا قلما يتبعون العنف ويمكن معالجته
لديهم بسهولة بينما الطلاب الضعفاء يتخذون العنف وسيلة ويصعب معالجته لديهم
الا اذا اتبعت الوسائل والطرائق التربوية والبرامج التعليمية الملائمة، أي
توجد علاقة قوية بين العنف والتحصيل التعلمي.
6- بناء دستور وفلسفة
تربوية للمدرسة: من حق الطالب والمعلم والاهل ان يعرفوا حقوقهم وواجباتهم
وحدودهم ايضا، لذا على المدارس ان تقوم ببناء دستور بمشاركة كل الاطراف
الفاعلة في الحقل وهم: المعلمون والطلاب والاهل بحيث نوضح من خلاله حقوق
وواجبات الطلاب كما يفضل شرح فحوى وطروحات الدستور للاهل والطلاب قبل
التوقيع عليه من قبل للالتزام ببنوده.
بالاضافة للدستور يجب بناء
فلسفة تربوية تحدد من خلالها السياسة التعليمية، والاهداف المرجوة والادوات
التي يجب استعمالها لرفع المستوى التعلمي والتربوي للمدرسة.
ان
الهدف من الدستور والفلسفة التربوية هو ليس فقط تعريف العوامل في الحقل من
معلمين واهل وطلاب على حقوقهم وواجباتهم بل ايضا ضمان مشاركتهم في السياسة
التعليمية المتبعة وحثهم على أخذ دورهم للنهوض بالمدرسة وتحميلهم مسؤولية
ذلك ولدمج جميع الطلاب في حياة المدرسة ولترسيخ جو واقليم تربوي داعم بهدف
التقليل من ظاهرة العنف.
7- البيت: للبيت اهمية كبيرة على تصرفات
الابن وسلوكه في المدرسة فاذا ما كانت العلاقة بين افراد العائلة جيدة
مبنية على التفاهم والاحترام المتبادل فان ذلك ينعكس ايجابيا عليه، واذا ما
كانت العلاقة غير ذلك فانه ينعكس سلبيا ويسبب العنف لديه، أي توجد صلة
قوية بين الوضع الاجتماعي في البيت وبين العنف وبينه وبين التحصيل التعلمي.
أي اذا كانت العلاقة داخل الاسرة جيدة فان تحصيله يرتفع واذا ما كانت سيئة فان تحصيله ينخفض.
لذا على الاهل فهم ذلك والعمل على بناء جو اسري مبني على التفاهم والاحترام والجدل البناء.
8-
احتواء العنف ومعالجته: ان ظاهرة العنف المتفشية في جميع الاوساط كما
اسلفنا يمكن معالجتها والتخفيف منها تدريجيا والقضاء عليها نهائيا اذا ما
استطعنا اكتشاف مسبباتها، واخترنا المختصين والمعالجين المجربين واستعلمنا
الادوات المجربة لاحتواء هذه الظاهرة ومعالجتها.
كما تساهم المدرسة
مساهمة كبيرة بهذا الموضوع بواسطة خطة تربوية لمعالجة هذه الظاهرة
واحتوائها، كما ويرجى اشراك الطلاب في بناء البرامج التربوية والاجتماعية
واللامنهجية بهدف دمجهم فيها واشراكهم في وظائف مهمة منوطة بها المسؤولية
بهدف امتصاص غضبهم وابعادهم عن العنف.
9- روح الانتماء لدى الطالب:
نرى احيانا ان بعض الطلاب يتغيبون عن المدرسة باستمرار ويكرهونها، فلذا على
المدارس ترغيب الطلاب بالمدرسة وزرع روح الانتماء في نفوسهم واضفاء جو
تربوي سهل وداعم ومنحهم المحفزات وتشجيعهم على الدراسة والفعاليات
الاجتماعية وحثهم على النظام والهدوء والاحترام ومساعدة الغير، ومعاقبة
الطلاب الذين لا يحافظون على قوانين المدرسة بالتنبيه والملاحظات وايضا عن
طريق الابعاد القصير لبعض الحصص او ليوم او اكثر حسب ما ينص عليه القانون
ليكون رادعا لهم ولاتاحة الفرصة امام الطلاب المجتهدين الدراسة في جو تربوي
هادئ أي منح الثواب بالكلمة الحلوة والتشجيع للطلاب بعد ان نبذل معهم كل
الوسائل والسبل المقبولة والمرعية حيث لا يمكن المساواة في المعاملة بين
الطالب المجتهد والمؤدب وبين الطالب والضعيف والمشاغب.
10- شخصية
الطالب: لشخصية الطالب دور فعال ونشيط في سلوكه وتصرفاته واجتهاده لذا على
المدرسة العمل بكل جدية ومسؤولية على بناء شخصيته وصقل ذهنه وتفكيره وترسيخ
اسس الدمقراطية لديه وتنمية ابداعاته وقدراته وطاقاته الكامنة فيه بهدف
دفعه للدراسة والابتكار والبحث والمطالعة ورفع تحصيلاته التعلمية وتجنيبه
العنف والاهمال والانزلاق.
لقد اثبتت ابحاث عدة ان الطالب الذي
يتمتع بشخصية قوية ومرنة ومعبرة يسهل التفاهم معه بكل موضوع. واما الطالب
المهزوز وضعيف الشخصية والخجول يصعب التفاهم معه ويكون عرضة لتأثيرات سلبية
من قبل طلاب آخرين ودفعه للعنف.
كما عليها ايضا رفع معنوياته
وتقوية ثقته بنفسه ورفع مستواه التعلمي واعطاؤه الدعم والمساعدة اكثر من
غيره وتحميله المسؤولية التي يقدر القيام بها.
كما اثبتت الابحاث
ذاتها ان العنف الكلامي والنفسي لا يقل خطورة عن العنف الجسدي وبانه لا يحل
المشاكل لدى الطلاب بل يعقدها ويدفع بصاحبها الى الخطأ والتهور والعنف.
لقد
دلت التقارير والابحاث ايضا ان العنف المتفشي بين الطلاب ومعلميهم ان
الطلاب يتلقون العنف من معلميهم بنسبة اكبر مما يقومون به ضد معلميهم وخاصة
في المرحلة الثانوية وذلك لتخوفهم من ردة الفعل ومن العقاب والنتائج
المترتبة عليه وبان الطلاب اذا ما رأوا ان العنف هو الوسيلة لحل المشاكل
معهم فانهم يقومون به دون تردد او تفكير مع الآخرين ومع اخوتهم في البيت،
وفي الشارع وكل مكان يوجد فيه، أي على المعلمين عدم ممارسة أي شكل من اشكال
العنف لكي لا يحذو الطلاب حذوهم.
بالرغم من وجود ظاهرة العنف في
بعض مدارسنا الا ان الابحاث اثبتت انها آخذة بالتقلص والانخفاض باستمرار،
وبان معظم معلمينا يتعاملون باحترام وود مع الطلاب وبانهم يقدمون لهم
المساعدة الشخصية المطلوبة ويعاملونهم بلطف ومحبة واخوة، وبانهم ينظرون
للطالب كانسان له احاسيسه واحتياجاته وكرامته، لذا على المدارس التي تعاني
من ظاهرة العنف اعادة النظر في سياستها التعليمية والتربوية المتبعة واتخاذ
الخطوات الكفيلة لتقريب الطلاب وترغيبهم لحياة المدرسة وخلق روح التسامح
والانتماء ورفع معنوياتهم وتطلعاتهم المستقبلية.
توجد استنتاجات
مهمة لهذه الدراسة قمنا بالكتابة عنها باسهاب خلال المقال ولكن الاستنتاج
البارز الذي يجب ان يضيء لنا الضوء الاحمر هو انه توجد رابطة قوية ووطيدة
لا تقبل التأويل بين ظاهرة العنف والتحصيل الدراسي، بمعنى انه كلما زاد
العنف لدى الطالب كلما زاد اجتهاده دراسيا وكثر تركيزه وزاد تحصيله وارتفع
مستواه التعلمي.
واستنتاج آخر مكمل للاستنتاج الاول تكلمنا عنه في
سياق الدراسة انه يوجد اثر بالغ للمشاكل داخل البيت على نفسية الطالب
وسلوكه وتصرفاته وقيامه بالعنف تجاه غيره، وخاصة اذا ما رأى وتيقن ان
ممارسته له هي اداة مشروعة ومسموح بها وسهلة للحصول على مبتغاه وحقوقه في
البيت والمدرسة بغياب ادارة وهيئة تدريسية حازمة تمنعه من ذلك وتقنعه بعدم
اتباعه او وجود اهل يهتمون بطلباته واذا ما عجزت المدرسة والمجتمع عن توفير
الحماية له، فيقوم بابتكار وتطوير طرائق وادوات دفاعية وهجومية في آن واحد
لضمان بقائه واستمراره واستقلاله ومكانته.
واستنتاج ثالث لا يقل
اهمية عن الاستنتاجين السابقين وهو ان بامكان المدرسة المساهمة كثيرا في
معالجة ظاهرة العنف والتقليل منها ولجمها ايضا في جميع المراحل التعليمية
بواسطة اتباع اساليب تربوية ناجحة وناجعة والابتعاد نهائيا عنها وتطوير
كفاءة المعلمين وملاءمة انفسهم للمستجدات والمتغيرات اليومية والمستقبلية
والحاضرة واتباع اساليب تدريسية بديلة وحديثة والنظر الى الطالب كانسان
صغير له مواهبه ورغباته واحاسيسه واسراره ومشاكله والنظر الى تصرفاته التي
تروق لنا احيانا بانها طبيعية وليست خارجة عن المألوف وعدم المس بشعوره
والامتناع عن اتباع أي وسيلة من شأنها التقليل والحط من شخصيته ومخاطبته
بالكلمة الطيبة الجميلة والمشجعة والنظر اليه بانه رجل المستقبل وعدم
اهانته او الصراخ عليه وتوبيخه بكلمات نابيّة او السخرية منه وتشجيعه على
الاجابة حتى الخاطئة وتشجيعه على النقاش الحر والتعبير الدمقراطي الجاد
والانتقاد البناء وتحمل الملاحظات والنصائح.
كما على الآباء اعادة
النظر في سلوكهم وتصرفاتهم تجاه كافة ابنائهم وعدم حرمانهم من طلباتهم
والامتناع عن العنف نهائيا معهم داخل البيت او مع أي فرد في الاسرة والعمل
على توفير الجو الدراسي الملائم والهادئ لهم وتوفير كل اللوازم المدرسية
لهم دون تردد وحمايتهم من أي تأثير داخلي او خارجي قد يؤثر سلبيا على
نفسيتهم ومستقبلهم.
وعلى سلطاتنا المحلية العمل قدر استطاعتها
بالرغم من ظروفها الصعبة وعلى الاهل مساعدتها بذلك لفتح الاطر الاجتماعية
والرياضية الاخرى ضمن المراكز الجماهيرية والمدارس الجماهيرية واقسام
المعارف والنوادي التربوية لتوفير الاجواء الترفيهية والانشطة اللامنهجية
الاخرى لطلابنا، بهدف ابعادهم عن مسببات العنف والانزلاق والتأثيرات
الخارجية السلبية كما على وزارة المعارف التي تمتلك الميزانيات الهائلة
العمل على توفير الملاكات النفسية والاجتماعية والتربوية ومنح الميزانيات
المستحقة للمدارس العربية واقامة المكتبات والمختبرات والقاعات الرياضية
وبناء الغرف الناقصة بهدف سد الفجوة التعليمية الكبيرة والقائمة منذ سنين
عديدة بين الوسطين العربي واليهودي، وفحص امكانية تحويل الميزانيات الهائلة
التي تخصصها سنويا للخطة الخمسية الى المدارس مباشرة لمعالجة النواحي
التعليمية والسلوكية والنواحي الاخرى بدلا من ان تحولها الى كليات تربوية
بعيدة عن فهم احتياجات ومتطلبات مدارسنا وتنقصها الخبرة وان وجدت فهي
محدودة ومردودها محدود.
نحن لا ننكر ان الخطة الخمسية قد ساعدت على
مدار السنين في معالجة المشاكل التعلمية وقامت باحداث تغييرات تعلمية لدى
الطلاب الذين يعانون من صعوبات تعلمية ولكن ليس حسب تطلعاتنا وآمالنا
والنسبة التي كنا نتوخاها، وهنا لا بد من تدخل لجنة المتابعة للتعليم
العربي التي تعقد باستمرار اجتماعات مع الوزارة بهدف تحديد الميزانيات
والاهداف بقصد اقناع الوزارة بوجوب تحويل الميزانيات المخصصة للمدارس وبناء
برامج تعليمية بالتنسيق معها ومع الوزارة بحيث تكون البرامج مبنية بصورة
مبسطة ومفصلة مع تحديد الطروحات والاهداف المرجوة واتاحة الفرصة لمديري
المدارس والمفتشين والمسؤولين بالوزارة اختيار المرشدين وانواع الاستكمال
وتخصيص ميزانيات لشراء اللوازم والادوات المدرسية والتي تنقص مدارسنا بسبب
اوضاع سلطاتنا المحلية بدلا من ان تحول جميعها الى الكليات، والمدارس تأخذ
الجزء البسيط.
الهدف هنا ليس الطعن او الانتقاد بل تحسين وتطوير
الادوات المتبعة والتي نستفيد منها كثيرا ويمكن تعيين وتحديد المقاييس
والمعايير المطلوبة لفحص مدى نجاعة الطريقة التي اقترحتها حيث تستفيد
مدارسنا مائة بالمائة من الميزانية المخصصة بينما لا تستفيد كثيرا من تحويل
الميزانيات لكليات اذ تصرف على المعاشات والامور الاخرى بينما اذا حولت
لمدارسنا فكلها تصرف على الطالب.
فلذا حبذا لو قامت وزارة المعارف
في تقييم وفحص سياستها للخطة الخمسية من جديد ورسم سياسة تعليمية واضحة
ومدروسة وليست عشوائية بحيث تعطي للمدرسة استقلالية وحرية اختيار الكوادر
التعليمية المجربة والقادرة والناجحة وما اكثرها في مجتمعنا بهدف النهوض
بجهازنا التعليمي نحو الافضل وتقوية لغتنا العربية وتراثنا وهويتنا وصيانته
من الذين يرغبون من النيل منه واعادة النظر في معظم البرامج التعليمية
وملاءمتها للتغييرات والتطورات السياسية والتكنولوجية والعلمية ولتطلعات
مجتمعنا العربي لان العديد منها قد كتبت قبل عشرات السنين واصبحت لا تلائم
الفترة الحديثة المتغيرة باستمرار.
واخيرا اتوجه الى جميع الذين
يهمهم التعليم العربي ومضمونه ومستقبله ان يمارسوا ثقلهم وضغطهم على الجهات
المسؤولة لتحقيق الاهداف المنشودة لجهازنا التعليمي ومساواته اسوة بالوسط
اليهودي دون تردد لان هذا هو حقنا الشرعي كمواطنين عرب في الدولة.